بيرام الداه أعبيد : صوت الضمير الإنساني و مشروع العدالة الكبرى

بنشاب : في احداث التاريخ كما هو في الفلسفة ، ثمة لحظات نادرة ينفصل فيها الصوت الناضج عن الضجيج و يصعد فيها قول الحق ليكون أعلى من سلطان القوة و أبلغ من أدوات الهيمنة . و في راهننا الوطني لم يعد السؤال المطروح متعلقا فقط بمن يحكم أو كيف يحكم بل بمن يملك الجرأة على أن يعيد السياسة إلى أصلها الأخلاقي و الإنساني بعدما تحولت إلى طقوس مفرغة من المعنى . في هذه اللحظة يطل علينا الرئيس بيرام الداه أعبيد لا كسياسي عابر بل كصوت متكامل يتجاوز المحيط الضيق للحسابات السياسية اليومية ليخاطب جوهر الإنسان ، و يستنهض القيم الكبرى التي بنيت عليها أعظم الحضارات : العدل و النزاهة و الكرامة و الحرية .
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه
( العدالة هي أساس الملك ) حين يتحدث الرئيس بيرام عن حرمة المال العام فإنه لا يعيد فقط إنتاج خطاب تقليدي عن الفساد بل يسائل جوهر العلاقة بين الدولة و المجتمع . المال العام في فلسفة الحكم العادل ليس تركة توزعها السلطة على أتباعها بل هو أمانة جماعية ، تنبع من مفهوم المواطنة و من عقد أخلاقي يربط الحاكم بالمحكوم . و قد قال نيلسون مانديلا :
( الحرية لا تعني فقط كسر القيود بل أن نعيش باحترام لحرية الآخرين )
و كذلك هي العدالة في فكر   الرئيس بيرام : ليست فقط عقوبة للفاسدين بل إصلاح جذري لبنية الدولة و تحرير للضمير الجمعي من الخوف و اللامبالاة .
و في فلسفة الدم و الإنسان يأكد الرئيس بيرام على حرمة دم المسلم وهذا امتداد لفكر إنساني عريق يرى في الإنسان جوهرا لا يمس و قيمة لا يمكن تصنيفها أو تدنيسها ، لقد أكد المفكر الفرنسي جان جاك روسو حين يقول ( الحرية لا تشترى بل تستحق )
و هكذا هي الكرامة لا توهب من سلطة بل تنتزعها الشعوب بقيادة من يذكرها بمعناها الأصيل .
إن مشروع التحرر الذي نطالب به بعيدا عن السلطة كما هي واقع عندنا اليوم ، الرئيس بيرام الداه أعبيد لا يقدم نفسه كزعيم سلطة بل كقائد تحرر فهو يتقاطع في تجربته مع مانديلا و يتقاطع في خطابه مع ماركوس غارفي و مع كل أولئك الذين فهموا أن التحرر يبدأ من تحرير العقول من الخوف و القلوب من الحقد و قد جسد ذلك في جولاته الدولية الأخيرة حيث لم يكن مجرد زائر للغرب بل سفيرا لقضية نبيلة استطاع أن يفرض احترامه على صناع القرار لا بالمال أو اللوبيات بل بالقوة الأخلاقية و الحجج الفكرية العميقة . يقول مارتن لوثر كينغ ( القانون لا يمكنه أن يجعل الإنسان يحب لكنه يمكن أن يمنعه من القتل و هذه خطوة مهمة نحو التحضر )
و الرئيس بيرام يدعو اليوم إلى دولة القانون التي تمنع الظلم و توقف النهب و تحمي الإنسان من التنكيل و التهميش تمهيدا لمجتمع متسامح و عادل و في مواجهة قوى الكراهية – يكون الشعار – الحكمة بدل الانتقام ، يواجه الرئيس بيرام الداه أعبيد كما واجه غاندي قوى الكراهية المتربصة التي تسعى إلى تمزيق المجتمع و تقويض الثقة بين مكوناته ، لكنه لا يرد بالكراهية بل بالحكمة ، لا يحرض بل يحاور لا يعمم الاتهام بل يخص بالحق من يستحق و يدعو إلى جمع الصف على قاعدة الإنصاف لا الانتقام .
و عليه فإن سياستنا من الضمير إلى الفعل فالرئيس بيرام لا يدعونا إلى الإعجاب به بل إلى المشاركة معه في إعادة بناء دولة تكون أخلاقية بقدر ما هي قانونية عادلة بقدر ما هي فعالة و مواطنة بقدر ما هي حامية . الرئيس لا يطلب التبعية بل يدعو إلى الشراكة ؛ لا يبني زعامة فردية بل يزرع وعيا جماعيا ، في لحظة و طنية مفصلية حيث تستباح الحقوق و ينهب المال العام و تزيف القيم ، يصبح من الواجب الأخلاقي و الوطني أن نصغي لصوت الضمير و أن نحول هذه المبادئ من أقوال إلى أفعال و من تأييد إلى نضال و من تعاطف إلى التزام .
يقول المهاترات غاندي ( إن أخطر لحظة تمر بها أي أمة هي حين يتعايش شعبها مع الظلم و يعتاد على القهر و يصمت على الفساد )
فهل سنصمت أم نكون جزءا من يقظة تمهد لغد مختلف؟
الرئيس بيرام الداه أعبيد وضع حجر الأساس… و البقية علينا .
مكي عبد الله عضو و ناشط في منظمة إيرا الحقوقية و عضو في حزب الرك
أنواذيب بتاريخ : 15/06/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى